الجمهورية التونسية
وزارة الشؤون الثقافية

مستجدات
 > مستجدات

في المتحف الأثري بسلقطة: الفن يُحيي الذاكرة في اختتام الدورة 34 لشهر التراث.

|   حدث

في أمسية مشبعة بالإبداع والرمزية، وتحت إشراف وزارة الشؤون الثقافية أسدل الستار على الدورة الرابعة والثلاثين لشهر التراث بالمتحف الأثري بسلقطة، وذلك بالتزامن مع الاحتفال باليوم العالمي للمتاحف الموافق ليوم 18 ماي، تحت شعار "التراث والفن: ذاكرة الحضارة".
حضر فعاليات هذا الحدث الثقافي البارز عدد من الشخصيات الرسمية والوطنية والفاعلين في الشأن الثقافي، من بينهم السيدة أمينة الصرارفي، وزيرة الشؤون الثقافية، والسيد أنيس العذاري، والي المهدية، إلى جانب السيدة ربيعة بلفقيرة، المديرة العامة لوكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية، والسيد طارق البكوش، المدير العام للمعهد الوطني للتراث، والسيدة شيراز سعيد، المديرة العامة لإدارة التراث، إضافة إلى نواب عن مجلس الشعب وإطارات جهوية ومحلية وثلة من المبدعين والباحثين والمهتمين بالشأن التراثي.

انطلقت السهرة بتحية العلم في لحظة جمعت بين هيبة المناسبة وأصالة المكان، قبل أن تُضاء واجهة المتحف بعرض بصري مبهر بتقنية العرض الثلاثي الأبعاد (Mapping Projection)، حيث تنقلت الصور بين معالم المدينة التاريخية ومفاصل من ذاكرتها العريقة، في انسجام تام مع شعار الدورة، مؤكدة على أن الفن ليس مجرد وسيلة للتعبير، بل أداة لحفظ الذاكرة وصونها.

في سياق تعزيز البعد الرقمي للمؤسسات الثقافية، اطّلع الوفد الرسمي على تجربة افتراضية فريدة من نوعها، تمثلت في زيارة رقمية للمتحف عبر تقنية HOLOBOX، التي أتاحت للزوار استكشاف المعروضات بطريقة تفاعلية وغامرة. وقد شكّلت هذه التجربة عنوانًا صريحًا لالتزام وزارة الشؤون الثقافية بدعم التحول الرقمي وتوظيفه في خدمة التراث، بما يوسّع من آفاق التفاعل مع الزوّار ويُقرّب الموروث الحضاري من الأجيال الجديدة.
وفي كلمتها بالمناسبة أكدت وزيرة الشؤون الثقافية، على أن الرهان اليوم هو على الرقمنة والإبداع كجسر متين يصل المواطن بتراثه، معتبرة أن المؤسسات التراثية لم تعد فضاءات لحفظ الآثار فحسب، بل أصبحت مراكز للإشعاع الثقافي والتجديد الفكري، حاملة لرسائل الهوية والتنوّع.

وفي كلمة السيد والي المهدية شدّدعلى أهمية هذا النوع من الفعاليات في تنشيط الدورة الثقافية الجهوية، مبرزًا دورها في ربط البحث العلمي بالواقع المجتمعي. كما ثمّن جهود القائمين على تنظيم هذه التظاهرة التي تجسّد انخراط الدولة في رؤية ثقافية متجددة وشاملة.
وكان من أبرز لحظات السهرة، الإعلان عن الفرق المتوّجة في مسابقة "Hack the Heritage – نسخة سلقطة"، التي نُظّمت بالشراكة بين وزارة الشؤون الثقافية، وكالة إحياء التراث، ومركز تونس الدولي للاقتصاد الثقافي الرقمي، بين 15 و18 ماي 2025. وقد شكّلت هذه المبادرة منصّة مثالية للشباب المبدع من أجل ابتكار حلول رقمية تثمّن التراث وتعيد تقديمه بطرق عصرية وجذابة.

وعلى الصعيد العلمي، استمتع الحاضرون بجملة من المداخلات البحثية التي قدّمها خبراء من المعهد الوطني للتراث، من بينها عرض متميز للباحث أنيس الحجلاوي حول كشف أثري حديث بمدينة سبيبة (ولاية القصرين)، ومداخلة للباحث أحمد قضوم حول مستجدات البحث في مجال الآثار تحت المائية بولاية بنزرت، مما أبرز الحركية المستمرة في مجال البحث الأثري والانفتاح على محاور علمية غير تقليدية.

واختُتمت السهرة بعرض فني باهر قدّمته الفرقة الوطنية للفنون الشعبية، التي قدّمت لوحات راقصة وموسيقية مستوحاة من التراث التونسي، عزّزتها المؤثرات الهيلوغرافية لتمنح الجمهور تجربة حسية استثنائية، مزجت بين البصر والسمع، وكرّست مفهوم "التراث الحي والمتجدّد".

لقد كانت تظاهرة اختتام شهر التراث بسلقطة أكثر من مجرد احتفال؛ لقد كانت بيانًا ثقافيًا يعكس التوجّه الجديد نحو إعادة تموقع المتحف كفاعل ثقافي حيّ، يزاوج بين صيانة الذاكرة الجماعية والانفتاح على أدوات العصر، ويُعيد رسم العلاقة بين المواطن وتراثه بأساليب تتناغم مع طموحات الحاضر ورهانات المستقبل.

ويُذكر أن المتحف الأثري بسلقطة سيكون مفتوحًا للعموم يوم الاثنين 19 ماي 2025، في دعوة مفتوحة لاكتشاف كنوزه والانغماس في سردياته الغنية، حيث يواصل التاريخ حواره المفتوح مع الجميع.

 

Powered by Web Design