في إطار فعاليات الدورة الرابعة والثلاثين لشهر التراث، احتضنت المدرسة الابتدائية "الشحيمات الشمالية – السواسي" بولاية المهدية، يوم الثلاثاء 13 ماي 2025، المحطة الخامسة والأخيرة من الدورة الثانية لتظاهرة "تراثي في مدرستي"، التي تنظّمها وكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية، بالشراكة مع المندوبيتين الجهويتين للتربية والشؤون الثقافية بالمهدية، وبالتعاون مع المعهد الوطني للتراث.
تميّزت هذه المحطة بحضور ثلة من المسؤولين والإطارات الجهوية والمحلية، من بينهم السيد طارق عبودة، ممثل وكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية بالساحل، والسيد ياسين الكامل، معتمد أولاد شامخ، والسيد مختار العايش كاتب عام بلدية أولاد شامخ، بالإضافة إلى السيد منير شفرود، مدير المدرسة المضيفة، وعدد من الفاعلين التربويين والثقافيين.
افتُتحت الفعالية بكلمة ألقاها السيد ياسين الكامل، الذي نوّه بالمجهودات المتواصلة التي تبذلها وكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية من أجل ترسيخ ثقافة الانتماء وتعزيز العلاقة بين الناشئة وموروثهم الحضاري، معبّراً عن أمله في تعميم مثل هذه المبادرات على بقية المؤسسات التربوية لما لها من أثر إيجابي في تكوين الوعي التراثي لدى الأجيال الصاعدة.
من جانبه، أكّد السيد طارق عبودة على أهمية التمشي التفاعلي الذي تعتمده التظاهرة، والتي تمزج بين البعد الترفيهي والبعد المعرفي، مبرزاً الدور الفاعل للتكنولوجيا الحديثة في تسهيل النفاذ إلى المعلومة التراثية، خصوصاً في البيئات الريفية التي تفتقر إلى مؤسسات متحفية ومواقع أثرية مهيأة للزيارة.
وقد مثّلت هذه التظاهرة فرصة فريدة للتلاميذ لخوض تجربة معرفية استثنائية من خلال زيارات افتراضية تفاعلية لمواقع أثرية تونسية باستخدام نظارات الواقع الافتراضي (Casques VR). حيث مكّنتهم هذه الوسائط المتقدمة من التفاعل المباشر مع المشاهد التاريخية، والتجوال في رحاب المعالم الأثرية كما لو كانوا في قلب الحدث، في تجربة أثارت فضولهم وعزّزت رغبتهم في الاكتشاف والاستزادة.
ولم تقتصر الأنشطة على الفضاء الرقمي فحسب، بل شملت أيضاً زيارة ميدانية مؤطرة إلى الموقع الأثري "فسقية الشحيمات"، تولّى تأطيرها السيد محمد حواص، متصرّف مستشار بوكالة احياء التراث والتنمية الثقافية بالمهدية بمشاركة عدد من المربين والإطارات، حيث اطّلع التلاميذ عن كثب على مكوّنات هذا المعلم التاريخي واستمعوا إلى شروحات وافية حول تاريخه ودوره الحضاري، في تجربة عزّزت إدراكهم لقيمة التراث وضرورة المحافظة عليه.
تأتي هذه التظاهرة في سياق استراتيجية وطنية طموحة وضعتها وكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية، تهدف إلى ترسيخ الثقافة المتحفية في الوسط المدرسي، وتعزيز شعور الناشئة بالانتماء إلى وطن غني بتاريخه وإرثه الحضاري المتنوّع، وذلك عبر اعتماد مقاربات بيداغوجية تفاعلية تجمع بين الأصالة والابتكار، وتُسهم في تنمية الحسّ المدني والاعتزاز بالهوية الوطنية.