في إطار فعاليات الدورة الرابعة والثلاثين لشهر التراث، احتضنت مدرسة الأرطس بمعتمدية القطار من ولاية قفصة، يوم 26 أفريل 2025، تظاهرة "تراثي في مدرستي"، التي نظمتها وكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية، بالشراكة مع المعهد الوطني للتراث، والمندوبيتين الجهويتين للتربية والشؤون الثقافية بقفصة، والمعهد العالي لإطارات الطفولة بجامعة قرطاج. جرت التظاهرة بحضور السيدة عفيفة نجاح، المندوبة الجهوية للشؤون الثقافية بقفصة، والسيد مصباح الكثيري معتمد القطار، والسيد منير كمون، ممثل وكالة إحياء التراث بالجنوب، والسيد صابر هنشيري، محافظ مستشار ومشرف علمي للمعهد الوطني للتراث بولاية قفصة ، إلى جانب السيد بالقاسم محمد، رئيس مصلحة الفنون والحرف بمندوبية الثقافة بقفصة وعدد من إطارات الوكالة والمعهد.
استُهلت التظاهرة بتقديم عرض تعريفي حول أهداف المبادرة، التي تهدف إلى ترسيخ الثقافة التراثية في الوسط المدرسي، وتعزيز الارتباط بالهوية الوطنية عبر أساليب حديثة تجمع بين المتعة والمعرفة. كما ترمي إلى جعل التلميذ شريكًا فاعلًا في صون التراث ونقله للأجيال القادمة.
وفي تجربة تفاعلية فريدة، عاش التلاميذ جولات افتراضية داخل أبرز المعالم والمواقع الأثرية التونسية باستخدام تقنيات الواقع الافتراضي (Casque VR)، التي وفرتها الوكالة، مما أتاح لهم، خاصة أولئك الذين لم يسبق لهم زيارة تلك المواقع، فرصة غنية لاكتشاف كنوز وطنهم بطريقة حديثة وممتعة. وقد أبدى التلاميذ تفاعلا حماسيا واندهاشا لافتا أمام هذه التقنية، معبرين عن فخرهم بما تزخر به تونس من معالم حضارية خالدة.
كما نشطت طالبات الماجستير بالمعهد العالي لإطارات الطفولة فقرات تعريفية مبسطة عن تراث ولاية قفصة، متناولات العادات والتقاليد والمعالم التاريخية، مما أسهم في ترسيخ القيم الثقافية لدى التلاميذ بطريقة تربوية سلسة.
وفي إطار ربط النظري بالتطبيقي، أمّن السيد بالقاسم الطاهر زيارة ميدانية إلى موقع "المكايل"، أحد أبرز المعالم التاريخية القريبة من مدرسة الأرطس.
ويُعد "المكايل" نظاما تقليديا لتجميع مياه الأمطار وحفظها، عبر سلسلة من الأحواض والآبار الصهريجية التي استخدمها الأهالي قديما لمواجهة ندرة المياه وضمان التزود بها لأغراض الحياة اليومية والفلاحية. وقد مثّل هذا الموقع، ولا يزال، دليلا على براعة الأجداد في التكيّف مع البيئة الجافة وإبداعهم في إدارة الموارد الطبيعية، مما أتاح للتلاميذ فرصة ملموسة لاكتشاف جانب حيوي من التراث المائي للمنطقة وتعزيز ارتباطهم بهويتهم المحلية.
وخلال التظاهرة، عبّر الإطار التربوي والتلاميذ على حد سواء عن سعادتهم بهذه المبادرة، مشيدين بالأسلوب التفاعلي الجديد الذي قرّبهم أكثر من موروثهم الثقافي، وعزّز شعورهم بالانتماء والاعتزاز بجذورهم الحضارية، في أجواء اتسمت بالحيوية وروح الاكتشاف.
وتجدر الإشارة إلى أن تظاهرة "تراثي في مدرستي" تأتي في إطار سعي وكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية إلى نشر ثقافة الوعي بقيمة التراث الوطني، وإدماجه في الحياة المدرسية كرافد أساسي لبناء مواطن الغد المعتز بهويته والمساهم في حفظ ذاكرة وطنه.
ونذكّر متابعينا أنّ الموعد القادم مع هذه التظاهرة يوم 2 ماي 2025 بولاية سيدي بوزيد، في محطة جديدة من محطات الاعتزاز بالتراث التونسي الأصيل.